صيد الخاطر لابن الجوزي - اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
نعوذ بالله من سوء الفهم و خصوصاً من المتسمين بالعلم .
روى أحمد في مسنده أنه : تنازع أبو عبد الرحمن السلمي و حيان بن عبد الله ، فقال أبو عبد الرحمن لحيان : قد علمت ما الذي حدا صاحبك ، يعني علياً .
قال : ما هو ؟
قال : قول النبي صلى الله عليه و سلم : لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .
و هذا سوء فهم من أبي عبد الرحمن حين ظن أن علياً قاتل و قتل اعتماداً على أنه غفر له .
و ينبغي أن يعلم أن معنى الحديث : لتكن أعمالكم المتقدمة ما كانت ، فقد غفرت لكم .
فأما غفران ما سيأتي فلا يتضمنه ذلك ، أتراه لو وقع من أهل بدر ـ و حاشاهم ـ الشرك ـ إذ ليسوا بمعصومين ـ أما كانوا يؤاخذون به ؟ فكذلك المعاصي .
ثم لو قلنا : إنه يتضمن غفران ما سيأتي ، فالمعنى أن مآلكم إلى الغفران .
ثم دعنا من معنى الحديث ، كيف يحل لمسلم أن يظن في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه فعل ما لا يجوز اعتماداً على أنه سيغفر له ؟ حوشى من هذا .
و إنما قاتل بالدليل المضطر له إلى القتال ، فكان على الحق .
و لا يختلف العلماء أن علياً رضي الله عنه لم يقاتل أحداً و الحق مع علي .
كيف و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم أدر معه الحق كيفا دار .
فقد غلط أبو عبد الرحمن غلطاً قبيحاً ، حمله عليه أنه كان عثمانياً ...
--
㋡ஐزي العســــــل ㋡ஐ
No comments:
Post a Comment